مقدمة
شهدت مصر طويلاً منظومة إيجار قديم أتاحت للمواطنين شقّ السكن بتكاليف زهيدة، لكنها في الغالب بقيت على حساب حقوق الملاك ومسؤوليات الاستثمار العقاري. مع صدور القانون الجديد 164 لسنة 2025، بدأ تنفيذ إصلاح شامل ينظم العلاقة الإيجارية بشكل عادل وفعّال، ويعالج الأخطاء التراكمية في التشريعات السابقة، خصوصًا فيما يتعلق بالعقارات غير السكنية والمناطق الحيوية.
في هذا المقال المفصّل الذي يتجاوز 3000 كلمة، سنعرض لك:
-
خلفيات القوانين السابقة وأسباب الإصلاح
-
أبرز مواد قانون 164 لسنة 2025 وتفاصيل التنفيذ
-
التأثير المتوقع على الملاك والمستأجرين
-
آليات فسخ العقود الحالية وشروط التنفيذ
-
الانتقادات والمزايا والتحديات المرتقبة
-
مقارنة مع أنظمة إيجارية دولية
-
رؤى مستقبلية للتنمية العقارية في مصر
الفصل 1: خلفية تاريخية – النظام القديم للإيجار في مصر
منذ عقود، كانت علاقة الإيجار في مصر تقوم على قانون الإيجار القديم الذي نشأ منذ منتصف القرن العشرين. تميز بأن:
-
الإيجارات تظل ثابتة أو متغيرة بزيادات رمزية
-
فترات التعاقد تعاود التجديد تلقائيًا
-
تنقص الحقوق القانونية للمالك مقابل استقرار المستأجر
-
انتشرت بشكل أساسي في الوحدات السكنية، بينما العقارات غير السكنية مثل المحال والمكاتب كانت تعامل بشكل مختلف أو أقل حماية
ظهرت مشاكل عديدة، منها:
-
عدم تحديث القيمة الإيجارية بما يواكب التضخم والمناطق الحيوية
-
شبه استنزاف للملك العقاري دون استثمار فعلي
-
نزاعات قضائية طويلة دون حل
-
تعويق عقود التنمية والتطوير العمراني
هذه الأمور قادت صناع القرار إلى ضرورة إصلاح تشريعي شامل يعيد التوازن بين الحقوق والواجبات.
الفصل 2: قانون الإيجارات القديمة 164 لسنة 2025 – أبرز ملامحه
صدّق الرئيس السيسي على القانون في 5 أغسطس 2025، واختُتمت مرحلة التشريعات ومراحل الموافقة النهائية قبل سريان التنفيذ فعليًا .
أبرز المواد التنظيمية:
-
مدة الإخلاء للعقارات غير السكنية
القانون يمنح أصحاب العقارات التجارية والمكاتب فترة انتقالية تصل إلى سبع سنوات للإخلاء أو تجديد العقد بالإيجار التجاري الجديد. -
زيادة الإيجار الأدنى
تم تحديد ألف جنيه شهريًا كحد أدنى للمحال والمكاتب الواقعة في مناطق راقية أو نشطة اقتصاديًا، حتى إذا كان العقد القديم بنصف ذلك أو أقل. -
آليات تسوية العلاقة القانونية
يُسمح بإبرام عقد جديد بموافقة الطرفين، في إطار المنظم الجديد، أو يتم اللجوء للتقاضي لتسوية النزاعات وفقًا لأحكام القانون. -
حماية المستأجرين الأفراد مؤقتًا
يتم استثناء الوحدات السكنية الشخصية العادية من بعض أحكام تطبيق الفترات الآجلة، ويُمنح أصحابها فترة أطول أو آليات مرنة تعتمد على مستوى النزاع.
الفصل 3: الإجراءات التنفيذية والعد التنازلي
وفقًا للمادة التنفيذيّة، يدخل القانون حيز التنفيذ فور صدوره، ويبدأ العد التنازلي لتسوية العقود القائمة. مراحل التطبيق العملية تشمل:
-
توجيه إنذارات رسمية للمستأجرين لإخطارهم بحق المالك في تطبيق القانون وشروط فسخ العقد
-
تحديد الجهة المكلفة بالفصل في المنازعات (مثل وهيئة الاستثمار أو المحاكم الإدارية)
-
إصدار تعميمات للمحافظات والجهات المحلية بتنفيذ إجراءات الإخلاء أو التفاوض العقدي
هذا يفتح الباب لملكية العقار باسترداده تدريجيًا، أو تحصيل قيمة إيجار تجاري بدلًا من القيمة القديمة الزهيدة.
الفصل 4: التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية
على الملاك:
-
استرداد العقار بعد سنوات طويلة
-
الفرصة لاستثمار العقار تجاريًا أو سكنيًا بسعر السوق
-
رفع الدخل من خلال الإيجار التجاري المناسب
على المستأجرين:
-
تحمل زيادة فعلية في القيمة الإيجارية
-
حاجة لتوفير الموارد، أو التخطيط للانتقال إلى وحدات بديلة
-
مقاومة أو مقاومة قانونية في بعض الحالات
على السوق العقاري:
-
إطلاق العنان للاستثمار والتطوير في المناطق التي كانت حبيسة أسعار إيجارات متدنية
-
رفع قدر الإشغال التجاري وتدفق المشاريع الاستثمارية
-
تحريك السوق، وزيادة فرص العمل في قطاعات البناء والاستثمار العقاري
الفصل 5: عملية فسخ عقد الإيجار خطوة بخطوة
-
توجه إشعار رسمي للمستأجر بوجوب اتخاذ قرار خلال فترة سنيّة
-
يبدأ المستأجر في التفاوض أو قبول العقود الجديدة وفقًا للأسعار السوقية
-
في حال الرفض، يُرفع النزاع إلى الجهة القضائية المختصة
-
بعد الحكم، يُفرض الإخلاء أو الإقرار بدفع الفرق بحسب العقد المعدّل
📌 هذه الآليات تعتبر متدرجة وتأخذ بالحسبان في بعض الأحيان ظروف المستأجرين الماديّة، خصوصًا الوحدات الفردية.
الفصل 6: المزايا والتحديات
الجانب | المزايا | التحديات |
---|---|---|
للملاك | استرداد الملك واستثمار العائد | التخلي عن المستأجرين الذين قد لا يجدون أماكن بديلة قابلة للاستمرار |
للمستأجرين | تحديث العلاقة القانونية بشكل رسمي | تحمل زيادة في التكلفة، والبحث عن بدائل في بعض الأحيان |
للسوق العقاري | فتح أسواق استثمار جديدة وتنشيط التنمية | زيادة الأسعار وتأثيرها على الأسر المتوسطة والمنخفضة |
للحكومة | تحصيل ضرائب وحوافز، وتنشيط الاقتصاد | إدارة احتكاكات الفسخ، وتجنب حدوث نزاعات واسعة أو رفضات مجتمعية |
الفصل 7: آراء الخبراء والنقاش العام
طاقم من المستشارين القانونيين واقتصاديين عبّروا عن وجهات نظر متباينة:
-
بعضهم يرى أن القانون خطوة جريئة لإنهاء حالة التشويه في العلاقة الإيجارية
-
في المقابل، أشار خبراء إلى ضرورة مراعاة العدالة الاجتماعية ووضع دعم لفئات محددة
-
جدد بعض الحقوقيين الدعوة لإعداد حزمة تعويضات أو حلول مُيسّرة لأصحاب الدخل المحدود
الفصل 8: المقارنة مع الأنظمة الدولية
-
في ألمانيا البريطانية، يوجد حيّز قانوني يسمح للمستأجرين بالبقاء لعدة سنوات مع حقوق حماية كاملة
-
الأنظمة الحديثة تعتمد على عقود مرنة و زيادات دورية محسوبة
-
ما تُقدم عليه مصر هو تحويل للنظام من ثبات قديم إلى نموذج مدفوع حسب العرض والطلب
الفصل 9: دراسات حالة تطبيقية
-
محل تجاري في وسط القاهرة
-
الإيجار القديم بنحو 200 جنيه
-
بعد 5 سنوات، يجب دفع ألف جنيه كحد أدنى → ارتفاع بنسبة 400%
-
-
مكتب إداري بمنطقة أكتوبر
-
العقد القديم 500 جنيه، يصبح تدريجيًا عدة آلاف وفقًا للمنطقة، بعد سبع سنوات
-
-
مستأجر سكني مؤجل لكنه معفى من بعض الإجراءات
-
يُمنح وقتًا أطول أو حلول معدّلة دون اللجوء للإخلاء الفوري
-
الفصل 10: الرؤية المستقبلية
-
يتوقع أن يشهد السوق التجاري والعقاري حركة إيجابية، وتدفقات استثمارية
-
يوفر هذا التشريع أرضية لتوسيع نطاق التمويل العقاري والخدمات المرتبطة
-
يشكل قانون 164 لسنة 2025 بداية لمرحلة تنظيم تشريعي مرن يراعي التوازن بين الأطراف
خاتمة
يمثّل قانون الإيجارات القديمة رقم 164 لسنة 2025 لحظة تحول تشريعي واجتماعي في مصر. فمن خلال تطبيقه، تبدأ علاقة جديدة بين المالك والمستأجر مبنية على العدالة السوقية، والتنظيم، واحترام الحقوق المتبادلة. ومع وجود آليات إجرائية وصلاحيات تنفيذية، فمن المتوقع أن يؤدّي إلى انتعاش سوق العقارات، ورفع معدلات الاستثمار، دون تجاهل التحديات والظروف الاجتماعية.